الفرق بين النسختين بتاع: «مجمع خلقدونيا»

من ويكيبيديا، الموسوعه الحره
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ص تعديل، غير: الأول ← الاولانى ، الثاني ← التانى (6) عن طريق اوب
ص تعديل، غير: إ ← ا (48)، التي ← اللى (11) عن طريق اوب
سطر 2: سطر 2:


[[File:Council Trent.jpg|thumb|250px| رسم لمجمع مسكونى.]]
[[File:Council Trent.jpg|thumb|250px| رسم لمجمع مسكونى.]]
'''مجمع خلقدونيا''' ، او '''مجمع خلقدونية''' ، او '''المجمع المسكونى الرابع''' ( بال[[يونانى]]: Σύνοδος της Χαλκηδόνας ، بال[[لاتينى]]: Concilium Chalcedonense ). هو مجمع مسيحي انعقد فى كنيسة آيايوفميا فى خلقدونيا فى الجزء الأسيوي من [[بيزنطه]] من 8 اكتوبر ل 1 نوفمبر 451. بيعتبر المجمع من أهم المجامع [[المسيحيه]] فى ال[[تاريخ]] ونتج عنه انفصال [[كنيسة اسكندريه المصريه الارتودوكسيه|الكنيسة القبطية المصرية]] عن الكنيسة البيزنطية ( اليونانية ) و [[الكنيسة الكاتوليكية]] ( اللاتينية ) بعد تحالفهما ضد الكنيسة المصرية و اتهامها بالهرطقة و الانشقاق ، فقامت [[باضطهاد بولكيريا و ماركيانوس|حركة اضطهاد فظيع]] شنها [[البيزنطيين]] المحتلين لمصر و اللى بقوا أتباع [[ملكانية|المذهب الملكانى]] ( يعنى إتباع ملك بيزنطة ) ضد المسيحيين فى مصر اللى تسموا ب [[يعاقبه]] .<ref>روفيله 27-29</ref><ref>منسى يوحنا، 258-259 و 263 و 274-275 و 286 و 288</ref><ref>Iris Habib el Masri, p.4-6</ref><ref>Aziz Surial, Coptic contribution , p.12</ref><ref>عزيز سوريال 20 و 74-75 و 87 و 97-98</ref><ref name="حسين فوزى، 159-160 و 162">حسين فوزى، 159-160 و 162</ref><ref>Toynbee, p.338 and 345</ref>
'''مجمع خلقدونيا''' ، او '''مجمع خلقدونية''' ، او '''المجمع المسكونى الرابع''' ( بال[[يونانى]]: Σύνοδος της Χαλκηδόνας ، بال[[لاتينى]]: Concilium Chalcedonense ). هو مجمع مسيحي انعقد فى كنيسة آيايوفميا فى خلقدونيا فى الجزء الأسيوي من [[بيزنطه]] من 8 اكتوبر ل 1 نوفمبر 451. بيعتبر المجمع من أهم المجامع [[المسيحيه]] فى ال[[تاريخ]] ونتج عنه انفصال [[كنيسة اسكندريه المصريه الارتودوكسيه|الكنيسة القبطية المصرية]] عن الكنيسة البيزنطية ( اليونانية ) و [[الكنيسة الكاتوليكية]] ( اللاتينية ) بعد تحالفهما ضد الكنيسة المصرية و اتهامها بالهرطقة و الانشقاق ، فقامت [[باضطهاد بولكيريا و ماركيانوس|حركة اضطهاد فظيع]] شنها [[البيزنطيين]] المحتلين لمصر و اللى بقوا أتباع [[ملكانية|المذهب الملكانى]] ( يعنى اتباع ملك بيزنطة ) ضد المسيحيين فى مصر اللى تسموا ب [[يعاقبه]] .<ref>روفيله 27-29</ref><ref>منسى يوحنا، 258-259 و 263 و 274-275 و 286 و 288</ref><ref>Iris Habib el Masri, p.4-6</ref><ref>Aziz Surial, Coptic contribution , p.12</ref><ref>عزيز سوريال 20 و 74-75 و 87 و 97-98</ref><ref name="حسين فوزى، 159-160 و 162">حسين فوزى، 159-160 و 162</ref><ref>Toynbee, p.338 and 345</ref>


== الخلفية ==
== الخلفية ==


[[File:Herrera mozo San León magno Lienzo. Óvalo. 164 x 105 cm. Museo del Prado.png|thumb|150px| بابا الكاتوليك ليو.]]
[[File:Herrera mozo San León magno Lienzo. Óvalo. 164 x 105 cm. Museo del Prado.png|thumb|150px| بابا الكاتوليك ليو.]]
استمر كفاح المصريين ضد الغزاة المحتلين [[الرومان]] و [[البيزنطيين]]. بعد اعتناق أمبراطرة [[روما]] و بيزنطة المسيحية لم يتغير الوضع ، و بقى المصريون كارهين لحكم الإمبراطور البيزنطي . لما اتجه البيزنطيون للمذهب الأريوسي قامت فى مصر حركة ضد الأريوسية ، و لما نادى المسيحيون البيزنطيين بازدواج طبيعة المسيح ، الكنيسة المصرية أعلنت تمسكها بعقيدة طبيعة المسيح الواحدة ( المونوفيزية ). آريوس وهو رجل دين من [[الإسكندرية]] كان منكر أن يكون [[المسيح]] من طبيعة الأب لكن لم ينكر ألوهية المسيح ! ، لكن كنيسة الأسكندرية عارضت أفكار آريوس و قالت إن المسيح لم يكن فيه أي طبيعة بشرية و تمسكت بعقيدة طبيعة المسيح الواحدة ، و هى الطبيعة الإلهية ، و هذا ضد عقيدة الكنيسة البيزنطية التي تؤمن بإن للمسيح طبيعتان ، واحدة بشرية و الأخرى إلهية. هذا هو أصل الخلاف بين الكنيسة المصرية و الكنيسة البيزنطية . كان المصريون المسيحيون ضد الحكم البيزنطي الذي أحتل مصر و كانوا يتميزون بإعتزازهم بأنفسهم و بشخصيتهم و شخصية كرازتهم المرقسية ، و لم يريدوا أن تتراجع مكانة كنيسة الإسكندرية مقابل الكنيسة البيزنطية التي تعتبر أحدث من الكنيسة المصرية.
استمر كفاح المصريين ضد الغزاة المحتلين [[الرومان]] و [[البيزنطيين]]. بعد اعتناق أمبراطرة [[روما]] و بيزنطة المسيحية لم يتغير الوضع ، و بقى المصريون كارهين لحكم الامبراطور البيزنطي . لما اتجه البيزنطيون للمذهب الأريوسي قامت فى مصر حركة ضد الأريوسية ، و لما نادى المسيحيون البيزنطيين بازدواج طبيعة المسيح ، الكنيسة المصرية أعلنت تمسكها بعقيدة طبيعة المسيح الواحدة ( المونوفيزية ). آريوس وهو رجل دين من [[الاسكندرية]] كان منكر أن يكون [[المسيح]] من طبيعة الأب لكن لم ينكر ألوهية المسيح ! ، لكن كنيسة الأسكندرية عارضت أفكار آريوس و قالت ان المسيح لم يكن فيه أي طبيعة بشرية و تمسكت بعقيدة طبيعة المسيح الواحدة ، و هى الطبيعة الالهية ، و هذا ضد عقيدة الكنيسة البيزنطية اللى تؤمن بان للمسيح طبيعتان ، واحدة بشرية و الأخرى الهية. هذا هو أصل الخلاف بين الكنيسة المصرية و الكنيسة البيزنطية . كان المصريون المسيحيون ضد الحكم البيزنطي الذي أحتل مصر و كانوا يتميزون باعتزازهم بأنفسهم و بشخصيتهم و شخصية كرازتهم المرقسية ، و لم يريدوا أن تتراجع مكانة كنيسة الاسكندرية مقابل الكنيسة البيزنطية اللى تعتبر أحدث من الكنيسة المصرية.


فى سنة 325 شارك [[اثناسيوس]] اللى كان وقتها شماس و سكرتير البابا [[الكسندروس الاول]] فى [[مجمع نيقيا الاول]] لمناقشة المذهب الذي روج له آريوس بخصوص طبيعة المسيح ، و قدر ببلاغته و بتأييد الرهبان و الصبوات أن يقنع المجتمعين بوجهة نظر الكنيسة القبطية و رجع لمصر منتصراً ، لكن ذلك لم يمنع من الاستمرار باضطهاد للأقباط ، و من الحوادث الشنيعة التي حصلت سنة 356 فى عهد أثناسيوس الذي هو بابا الكنيسة القبطية في نفس الوقت ، كان اقتحام العسكر البيزنطي للكنيسة العذراء في الأسكندرية في المساء وقت الغروب بالسيوف و الحراب و اثناسيوس يصلي بالناس صلاة الغروب و ارتكبوا مذبحة شنيعة في المصلين وقد قتل منهم أعداداً كبيرة داخل الكنيسة و خارجها وكذلك تعقب العسكر البيزنطي اللى استطاعوا الفرار . اثناسيوس الذي دافع بكل قوة وشجاعة عن الكنيسة القبطية والقومية المصرية نفاه البيزنطيون خمسة مرات.
فى سنة 325 شارك [[اثناسيوس]] اللى كان وقتها شماس و سكرتير البابا [[الكسندروس الاول]] فى [[مجمع نيقيا الاول]] لمناقشة المذهب الذي روج له آريوس بخصوص طبيعة المسيح ، و قدر ببلاغته و بتأييد الرهبان و الصبوات أن يقنع المجتمعين بوجهة نظر الكنيسة القبطية و رجع لمصر منتصراً ، لكن ذلك لم يمنع من الاستمرار باضطهاد للأقباط ، و من الحوادث الشنيعة اللى حصلت سنة 356 فى عهد أثناسيوس الذي هو بابا الكنيسة القبطية في نفس الوقت ، كان اقتحام العسكر البيزنطي للكنيسة العذراء في الأسكندرية في المساء وقت الغروب بالسيوف و الحراب و اثناسيوس يصلي بالناس صلاة الغروب و ارتكبوا مذبحة شنيعة في المصلين وقد قتل منهم أعداداً كبيرة داخل الكنيسة و خارجها وكذلك تعقب العسكر البيزنطي اللى استطاعوا الفرار . اثناسيوس الذي دافع بكل قوة وشجاعة عن الكنيسة القبطية والقومية المصرية نفاه البيزنطيون خمسة مرات.


و فى 431 انتصرت الكنيسة المصرية انتصاراً آخر في [[افسوس]] عندما استطاعت أن تجعل المجمع يصدر قرار ضد نسطوريوس Nestorius بطريرك [[القسطنطينية]] اللى أضاف للمسيح عنصر بشري و رفض فكرة كون [[العذراء مريم]] " أم الرب ". وفي مجمع آخر فى افسوس سنة 449 الكنيسة المصرية راحت أبعد من ذلك عندما تمسكت و ضغطت لإقرار مذهبها المونوفيزيتي الذي يرى أن المسيح له طبيعة واحدة و هى طبيعة إلهية فقط .<ref>Toynbee, p.345</ref>
و فى 431 انتصرت الكنيسة المصرية انتصاراً آخر في [[افسوس]] عندما استطاعت أن تجعل المجمع يصدر قرار ضد نسطوريوس Nestorius بطريرك [[القسطنطينية]] اللى أضاف للمسيح عنصر بشري و رفض فكرة كون [[العذراء مريم]] " أم الرب ". وفي مجمع آخر فى افسوس سنة 449 الكنيسة المصرية راحت أبعد من ذلك عندما تمسكت و ضغطت لاقرار مذهبها المونوفيزيتي الذي يرى أن المسيح له طبيعة واحدة و هى طبيعة الهية فقط .<ref>Toynbee, p.345</ref>


فى الغضون ذلك كان البطريرك اللاتيني -الجالس على كرسي الأسقفية كخليفة ل[[بطرس الرسول]] في روما- يتطلع كذلك لزعامة المسيحية و كانت كنيسته ترى إن الكنيسة البيزنطية أخطر عليها من كنيسة الإسكندرية . الكنيسة المصرية كانت مستفيدة من تنافس الكنيسة البيزنطية و الكاثوليكة لإنه كان عامل توازن محافظ على وضعها. لكن هذا الوضع لم يدم كثيراً بعدما أحس [[ديوسقوروس الأول]] بابا كنيسة الإسكندرية بأن علاقة الإمبراطور البيزنطي ببابا الكنسية الكاثوليكية أصبح وثيقاً و أنهما أصبحا حليفان.
فى الغضون ذلك كان البطريرك اللاتيني -الجالس على كرسي الأسقفية كخليفة ل[[بطرس الرسول]] في روما- يتطلع كذلك لزعامة المسيحية و كانت كنيسته ترى ان الكنيسة البيزنطية أخطر عليها من كنيسة الاسكندرية . الكنيسة المصرية كانت مستفيدة من تنافس الكنيسة البيزنطية و الكاثوليكة لانه كان عامل توازن محافظ على وضعها. لكن هذا الوضع لم يدم كثيراً بعدما أحس [[ديوسقوروس الأول]] بابا كنيسة الاسكندرية بأن علاقة الامبراطور البيزنطي ببابا الكنسية الكاثوليكية أصبح وثيقاً و أنهما أصبحا حليفان.


فى هذه الظروف انعقد مجمع خلقدونيا سنة 451 بإيعاز من بابا الكاتوليك ليو الاول Pope Leo I لمناقشة موضوع مونوفيزية المسيح الذي أُخذ فيه سنة 449 فى أفسوس بضغط من الكنيسة المصرية ، و راح البطريرك المصرى ديوسقوروس و معه رهبانه و " الباربولانى " <ref>الباربولانى parabolani وكانواكأنهم ذاهبون للشجيع ويسافروا مع البابا لأجل أن يهتفوا له و يعضدوه فى الغربة</ref> للمشاركة فى المجمع رغم أن أعوانه حذروه من الذهاب لخلقدونيا و طلبوا منه عصيان أمر الامبراطور . و فى خلقدونيا لقي ديوسقوروس الكنيسة الكاثوليكية بزعامة البابا ليو الاولانى والكنيسة البيزنطية بزعامة الامبراطور مركيانوس Marcianus متحدين و متحالفين ضده لسحق الكنيسة المصرية.<ref name="حسين فوزى، 159-160 و 162"/>
فى هذه الظروف انعقد مجمع خلقدونيا سنة 451 بايعاز من بابا الكاتوليك ليو الاول Pope Leo I لمناقشة موضوع مونوفيزية المسيح الذي أُخذ فيه سنة 449 فى أفسوس بضغط من الكنيسة المصرية ، و راح البطريرك المصرى ديوسقوروس و معه رهبانه و " الباربولانى " <ref>الباربولانى parabolani وكانواكأنهم ذاهبون للشجيع ويسافروا مع البابا لأجل أن يهتفوا له و يعضدوه فى الغربة</ref> للمشاركة فى المجمع رغم أن أعوانه حذروه من الذهاب لخلقدونيا و طلبوا منه عصيان أمر الامبراطور . و فى خلقدونيا لقي ديوسقوروس الكنيسة الكاثوليكية بزعامة البابا ليو الاولانى والكنيسة البيزنطية بزعامة الامبراطور مركيانوس Marcianus متحدين و متحالفين ضده لسحق الكنيسة المصرية.<ref name="حسين فوزى، 159-160 و 162"/>


== انعقاد المجمع ==
== انعقاد المجمع ==
فى 8 اكتوبر 451 بدأ انعقاد مجمع خلقدونيا فى كنيسة آيايوفميا St Euphemia فى مدينة خلقدونيا فى الجزء الأسيوي من الامبراطورية البيزنطية أمام مدينة [[القسطنطينية]]. كان البابا ليو يريد إقامة المجمع في [[ايطاليا]] لكن الامبراطور مركيانوس قرر إقامته في [[نيقيا]] ، وفي آخر لحظة تقررإقامته في خلقدونيا بدل نيقيا بسبب هجمات قبائل الهون. لم يحضر البابا ليو المجمع مثلما طلب منه مركيانوس لكنه أرسل وفد لكي يمثله . كان عدد المشاركين كبيراً ووصل عدد الأساقفة اللى شاركوا أكثر من 600 أسقف.
فى 8 اكتوبر 451 بدأ انعقاد مجمع خلقدونيا فى كنيسة آيايوفميا St Euphemia فى مدينة خلقدونيا فى الجزء الأسيوي من الامبراطورية البيزنطية أمام مدينة [[القسطنطينية]]. كان البابا ليو يريد اقامة المجمع في [[ايطاليا]] لكن الامبراطور مركيانوس قرر اقامته في [[نيقيا]] ، وفي آخر لحظة تقرراقامته في خلقدونيا بدل نيقيا بسبب هجمات قبائل الهون. لم يحضر البابا ليو المجمع مثلما طلب منه مركيانوس لكنه أرسل وفد لكي يمثله . كان عدد المشاركين كبيراً ووصل عدد الأساقفة اللى شاركوا أكثر من 600 أسقف.


وبناء على طلب الامبراطور مركيانوس بدأ المجمع مباشرة بمناقشة موضوع مونوفيزية المسيح الذي أقره مجمع افسوس التانى سنة 449 بناء على ضغوط الكنيسة المصرية ، و هو المجمع الذي سماه بابا روما " مجمع الحرامية Latrocinium ". رفض مندوب الكنيسة الكاثوليكية باشاسينوس Paschasinus أن يفسح مكاناً لديوسقوروس بطريرك الكنيسة المصرية ولذلك اضطر ديوسقوروس أن يجلس في مكان منزوي في الكنيسة . و في اجتماع اليوم التانى قُرِأ كتاب البابا ليو ( Tomus ) و هتف المؤدون ب " [[القديس بطرس|بطرس]] هو الذي يقول عن طريق ليو. هذا ما نؤمن به كلنا. هذه عقيدة الحواريين. ليو و كيرلس يعلما نفس الشيء ". و استمرت محاكمة ديوسقوروس لكنه رفض المثول أمام هيئة المحاكمة . هناك قصة تذكر أنهم عندما حاولوا إجبار ديوسقوروس على الموافقة على مذهب الامبراطور قال لهم : إ"ن عمل الملك هو تدبير مملكته وليس هذه المواضيع الدقيقة وإن الأجدر به أن يترك هذه المواضيع للكهنة" فردت عليه الامبراطورة بولكيريا : بأنه فى أيام أمها كان هناك رجل عنيد هكذا و إنه انتهى بأنهم حرموه و نفوه ( وكان قصدها [[يوحنا فم الدهب]] ) فذكرها ديوسقوروس بمصير أمها فقامت بلطمه على وجهه فسقطت من أسنانه اثنتان ! ثم تجمعوا عليه ونتفوا شعر ذقنه . وفي كل الأحوال فقد تمت إدانة ديوسقوروس وسُحبت منه كل ألقابه و امتيازاته لكن لم يعاقبهم بحرمان كنسي ، و طُلب من الجميع التوقيع على كتاب تعاليم البابا ليو لكن الأساقفة المصريين رفضوا . وبعد مشاورات و تعديلات و مناقشات عنيفة و تهديدات بانسحاب المندوبين الكاثوليك وثهديدهم بإقامة مجمع آخر فى الغرب بدلاً من هذا ، أُجبر الأساقفة الذي شاركوا فى مجمع افسيوس التانى على التوقيع على قرارات مجمع خلقدونيا ، ووافقت الأغلبية على التعريف الكاثوليكي لطبيعة المسيح المزدوجة مجتمعة فى جسد واحد ، و انتهى المجمع بإصدار قرار بإن " المسيح و الأب من طبيعة واحدة في ألوهيته، و إن المسيح و البشر من طبيعة واحدة في إنسانيتة ".
وبناء على طلب الامبراطور مركيانوس بدأ المجمع مباشرة بمناقشة موضوع مونوفيزية المسيح الذي أقره مجمع افسوس التانى سنة 449 بناء على ضغوط الكنيسة المصرية ، و هو المجمع الذي سماه بابا روما " مجمع الحرامية Latrocinium ". رفض مندوب الكنيسة الكاثوليكية باشاسينوس Paschasinus أن يفسح مكاناً لديوسقوروس بطريرك الكنيسة المصرية ولذلك اضطر ديوسقوروس أن يجلس في مكان منزوي في الكنيسة . و في اجتماع اليوم التانى قُرِأ كتاب البابا ليو ( Tomus ) و هتف المؤدون ب " [[القديس بطرس|بطرس]] هو الذي يقول عن طريق ليو. هذا ما نؤمن به كلنا. هذه عقيدة الحواريين. ليو و كيرلس يعلما نفس الشيء ". و استمرت محاكمة ديوسقوروس لكنه رفض المثول أمام هيئة المحاكمة . هناك قصة تذكر أنهم عندما حاولوا اجبار ديوسقوروس على الموافقة على مذهب الامبراطور قال لهم : ا"ن عمل الملك هو تدبير مملكته وليس هذه المواضيع الدقيقة وان الأجدر به أن يترك هذه المواضيع للكهنة" فردت عليه الامبراطورة بولكيريا : بأنه فى أيام أمها كان هناك رجل عنيد هكذا و انه انتهى بأنهم حرموه و نفوه ( وكان قصدها [[يوحنا فم الدهب]] ) فذكرها ديوسقوروس بمصير أمها فقامت بلطمه على وجهه فسقطت من أسنانه اثنتان ! ثم تجمعوا عليه ونتفوا شعر ذقنه . وفي كل الأحوال فقد تمت ادانة ديوسقوروس وسُحبت منه كل ألقابه و امتيازاته لكن لم يعاقبهم بحرمان كنسي ، و طُلب من الجميع التوقيع على كتاب تعاليم البابا ليو لكن الأساقفة المصريين رفضوا . وبعد مشاورات و تعديلات و مناقشات عنيفة و تهديدات بانسحاب المندوبين الكاثوليك وثهديدهم باقامة مجمع آخر فى الغرب بدلاً من هذا ، أُجبر الأساقفة الذي شاركوا فى مجمع افسيوس التانى على التوقيع على قرارات مجمع خلقدونيا ، ووافقت الأغلبية على التعريف الكاثوليكي لطبيعة المسيح المزدوجة مجتمعة فى جسد واحد ، و انتهى المجمع باصدار قرار بان " المسيح و الأب من طبيعة واحدة في ألوهيته، و ان المسيح و البشر من طبيعة واحدة في انسانيتة ".


المجمع أصدر 28 قانون ، و نص القانون الأخير على موضوع خطير و هو : " إن المدينة التي تتشرف بالسيادة و بوجود مجلس الشيوخ فيها ، التي بتملك كل الامتيازات مثل مدينة روما القديمة العظيمة لابد أن يعلى قدرها في الأمور الكنسية مثل روما بحيث يبقى ترتيبها المركز التانى فى قائمة الشرف الكهنوتي بعد كنيسة روما ". هذا القانون هو الذي جعل الكنيسة البيزنطية فى القسطنطينية في المركز التانى بعد الكنيسة الكاثوليكية فى روما وقد نسف هذا القانون السادس لمجمع نيقيا المسكوني الذي أكد على الحقوق التاريخية لبطريركية الإسكندرية و بطريركية [[انطاكيا]]. القانون الخلقدوني رفع كنيسة بيزنطة للمركز التانى على حساب كنيسة الإسكندرية التي في الواقع أقدم وأعرق . و أكمن الكنيسةالكاثوليكية أخدت مبدأ ازدواجية طبيعة المسيح فبطبيعة الحال وقف فى صفها الأساقفة النسطوريين و أساقفة انطاكيا و عُزلت الكنيسة المصرية القبطية ، و تم إذلال بطريرك الإسكندرية بطريقة مهينة جداً.
المجمع أصدر 28 قانون ، و نص القانون الأخير على موضوع خطير و هو : " ان المدينة اللى تتشرف بالسيادة و بوجود مجلس الشيوخ فيها ، اللى بتملك كل الامتيازات مثل مدينة روما القديمة العظيمة لابد أن يعلى قدرها في الأمور الكنسية مثل روما بحيث يبقى ترتيبها المركز التانى فى قائمة الشرف الكهنوتي بعد كنيسة روما ". هذا القانون هو الذي جعل الكنيسة البيزنطية فى القسطنطينية في المركز التانى بعد الكنيسة الكاثوليكية فى روما وقد نسف هذا القانون السادس لمجمع نيقيا المسكوني الذي أكد على الحقوق التاريخية لبطريركية الاسكندرية و بطريركية [[انطاكيا]]. القانون الخلقدوني رفع كنيسة بيزنطة للمركز التانى على حساب كنيسة الاسكندرية اللى في الواقع أقدم وأعرق . و أكمن الكنيسةالكاثوليكية أخدت مبدأ ازدواجية طبيعة المسيح فبطبيعة الحال وقف فى صفها الأساقفة النسطوريين و أساقفة انطاكيا و عُزلت الكنيسة المصرية القبطية ، و تم اذلال بطريرك الاسكندرية بطريقة مهينة جداً.


وختم المجمع أعماله فى 1 نوفمبر 451 بهذه القرارات التي فصلت بين كنائس أوروبا الشرقية و الغربية من ناحية و الكنيسة المصرية القبطية من ناحية أخرى . وفضلت كنيسة روما و مؤرخيها وصف الكنيسة القبطية بـ" الإنفصاليين " و " المنشقين " و هذا منافي للحقيقة والواقع حيث أن كنيسة الأسكندرية لم تكن تابعة للكنيسة الكاثوليكية لكي تنشق و تنفصل عنها .<ref>عزيز سوريال، 73-75</ref>
وختم المجمع أعماله فى 1 نوفمبر 451 بهذه القرارات اللى فصلت بين كنائس أوروبا الشرقية و الغربية من ناحية و الكنيسة المصرية القبطية من ناحية أخرى . وفضلت كنيسة روما و مؤرخيها وصف الكنيسة القبطية بـ" الانفصاليين " و " المنشقين " و هذا منافي للحقيقة والواقع حيث أن كنيسة الأسكندرية لم تكن تابعة للكنيسة الكاثوليكية لكي تنشق و تنفصل عنها .<ref>عزيز سوريال، 73-75</ref>


وفي أثناء ذلك ، أكد الأساقفة المصريون إنهم لايستطيعوا الرجوع لمصر ومعهم خبر عزل بطريرك الكنيسة القبطية . وعندما وصلت الأخبار لمصر ثار شعب الإسكندرية و هاجم الحامية البيزنطية فى المدينة و قتل عساكر كثير ، لكن المحتلين استطاعوا أن يفرضوا على المصريين بطريرك ملكاني خلقدوني هو برتارس وأجلسوه على كرسي الإسكندرية بدل ديوسقوروس الذي نُفي ألى جزيرة جنفرة في أقليم بفلاجونيا أمام ساحل [[أسيا الصغرى]] سنة 454 و يقال إنه أرسل إلى مصر الأسنان التي خلعتهم بولكيريا و شعر ذقنه الذي نتف ، وقال: " هذا ثمرة تعبي على الأمانة ". و بقي برتارس الملكاني جالس على كرسي الإسكندرية لغاية وفاة الامبراطور ماركيانوس سنة 457 فهجم أهل الإسكندرايه عليه في يوم الجمعة الحزينة و قطعوا جسده في صحن كنيسته ووضعوا [[تيموثاوس الثاني]] الذي كان على مذهب الكنيسة المصرية ، لكن بعدما جلس ثلاث سنوات على كرسي الإسكندرية أرسل البيزنطيون قوات عسكرية فاعتقلته و نفته ووضعت مكانه سوريس الملكاني . ودخل الأقباط فى عصر مفزع من عصور الاضطهاد و قُتل منهم إعداد كبيرة قد تتجاوز من قتل على يد الرومان الوثنيين ، لكن المصريون قاوموا المحتلين وألتفوا حول كنيستهم وعقيدة الطبيعة الواحدة التي بقيت مذهبهم القومي ، وقام المصريون بالتهرب من دفع الضرايب التي فرضها البيزنطيون ، و لجؤوا للأديرة التي ظهرت فى مصر على أيدي قديسين أقباط كوسيلة للهروب من الاضطهاد البيزنطي و الإلتفاف حول عقيدة كنيستهم.
وفي أثناء ذلك ، أكد الأساقفة المصريون انهم لايستطيعوا الرجوع لمصر ومعهم خبر عزل بطريرك الكنيسة القبطية . وعندما وصلت الأخبار لمصر ثار شعب الاسكندرية و هاجم الحامية البيزنطية فى المدينة و قتل عساكر كثير ، لكن المحتلين استطاعوا أن يفرضوا على المصريين بطريرك ملكاني خلقدوني هو برتارس وأجلسوه على كرسي الاسكندرية بدل ديوسقوروس الذي نُفي ألى جزيرة جنفرة في أقليم بفلاجونيا أمام ساحل [[أسيا الصغرى]] سنة 454 و يقال انه أرسل الى مصر الأسنان اللى خلعتهم بولكيريا و شعر ذقنه الذي نتف ، وقال: " هذا ثمرة تعبي على الأمانة ". و بقي برتارس الملكاني جالس على كرسي الاسكندرية لغاية وفاة الامبراطور ماركيانوس سنة 457 فهجم أهل الاسكندرايه عليه في يوم الجمعة الحزينة و قطعوا جسده في صحن كنيسته ووضعوا [[تيموثاوس الثاني]] الذي كان على مذهب الكنيسة المصرية ، لكن بعدما جلس ثلاث سنوات على كرسي الاسكندرية أرسل البيزنطيون قوات عسكرية فاعتقلته و نفته ووضعت مكانه سوريس الملكاني . ودخل الأقباط فى عصر مفزع من عصور الاضطهاد و قُتل منهم اعداد كبيرة قد تتجاوز من قتل على يد الرومان الوثنيين ، لكن المصريون قاوموا المحتلين وألتفوا حول كنيستهم وعقيدة الطبيعة الواحدة اللى بقيت مذهبهم القومي ، وقام المصريون بالتهرب من دفع الضرايب اللى فرضها البيزنطيون ، و لجؤوا للأديرة اللى ظهرت فى مصر على أيدي قديسين أقباط كوسيلة للهروب من الاضطهاد البيزنطي و الالتفاف حول عقيدة كنيستهم.


== شوف كمان ==
== شوف كمان ==
سطر 36: سطر 36:
== مصادر ==
== مصادر ==
* [[حسين فوزى]] :سندباد مصرى، جولات فى رحاب التاريخ، دار المعارف، القاهرة 1990
* [[حسين فوزى]] :سندباد مصرى، جولات فى رحاب التاريخ، دار المعارف، القاهرة 1990
* [[عزيز سوريال عطية]] ، تاريخ المسيحية الشرقية، ترجمة إسحاق عبيد، المشروع القومى للترجمة، المجلس الاعلى للثقافة، القاهرة 2005
* [[عزيز سوريال عطية]] ، تاريخ المسيحية الشرقية، ترجمة اسحاق عبيد، المشروع القومى للترجمة، المجلس الاعلى للثقافة، القاهرة 2005
* [[القلقشندى]] : صبح الأعشى فى صناعة الإنشا ، دار الفكر، بيروت 1988.
* [[القلقشندى]] : صبح الأعشى فى صناعة الانشا ، دار الفكر، بيروت 1988.
* [[منسى يوحنا]] : تاريخ الكنيسة القبطية، مكتبة المحبه ، القاهره 1983.
* [[منسى يوحنا]] : تاريخ الكنيسة القبطية، مكتبة المحبه ، القاهره 1983.
* [[يعقوب نخلة روفيله]] : تاريخ الامة القبطية، مؤسسة مارمرقس لدراسة التاريخ القبطى، القاهرة 2000.
* [[يعقوب نخلة روفيله]] : تاريخ الامة القبطية، مؤسسة مارمرقس لدراسة التاريخ القبطى، القاهرة 2000.

تعديلات من 00:36، 27 نوفمبر 2020

مجمع خلقدونيا

المكان خلقدون ،  وكنيسة اجيا افيميا   تعديل قيمة خاصية المكان (P276) في ويكي بيانات
الموضوع كرستولوجيا
مونوفيزيه
نسطوريه   تعديل قيمة خاصية الموضوع الرئيس (P921) في ويكي بيانات
بتاريخ 1 نوفمبر 451  تعديل قيمة خاصية بتاريخ (P585) في ويكي بيانات
سبقه مجمع افسس ،  ومجمع افسس التانى   تعديل قيمة خاصية سبقه (P155) في ويكي بيانات
تبعه مجمع القسطنطينيه الثانى   تعديل قيمة خاصية تبعه (P156) في ويكي بيانات
تاريخ البدء 8 اكتوبر 451  تعديل قيمة خاصية تاريخ البدايه (P580) في ويكي بيانات
تاريخ الانتهاء 1 نوفمبر 451  تعديل قيمة خاصية تاريخ النهايه (P582) في ويكي بيانات

رسم لمجمع مسكونى.

مجمع خلقدونيا ، او مجمع خلقدونية ، او المجمع المسكونى الرابع ( باليونانى: Σύνοδος της Χαλκηδόνας ، باللاتينى: Concilium Chalcedonense ). هو مجمع مسيحي انعقد فى كنيسة آيايوفميا فى خلقدونيا فى الجزء الأسيوي من بيزنطه من 8 اكتوبر ل 1 نوفمبر 451. بيعتبر المجمع من أهم المجامع المسيحيه فى التاريخ ونتج عنه انفصال الكنيسة القبطية المصرية عن الكنيسة البيزنطية ( اليونانية ) و الكنيسة الكاتوليكية ( اللاتينية ) بعد تحالفهما ضد الكنيسة المصرية و اتهامها بالهرطقة و الانشقاق ، فقامت حركة اضطهاد فظيع شنها البيزنطيين المحتلين لمصر و اللى بقوا أتباع المذهب الملكانى ( يعنى اتباع ملك بيزنطة ) ضد المسيحيين فى مصر اللى تسموا ب يعاقبه .[1][2][3][4][5][6][7]

الخلفية

بابا الكاتوليك ليو.

استمر كفاح المصريين ضد الغزاة المحتلين الرومان و البيزنطيين. بعد اعتناق أمبراطرة روما و بيزنطة المسيحية لم يتغير الوضع ، و بقى المصريون كارهين لحكم الامبراطور البيزنطي . لما اتجه البيزنطيون للمذهب الأريوسي قامت فى مصر حركة ضد الأريوسية ، و لما نادى المسيحيون البيزنطيين بازدواج طبيعة المسيح ، الكنيسة المصرية أعلنت تمسكها بعقيدة طبيعة المسيح الواحدة ( المونوفيزية ). آريوس وهو رجل دين من الاسكندرية كان منكر أن يكون المسيح من طبيعة الأب لكن لم ينكر ألوهية المسيح ! ، لكن كنيسة الأسكندرية عارضت أفكار آريوس و قالت ان المسيح لم يكن فيه أي طبيعة بشرية و تمسكت بعقيدة طبيعة المسيح الواحدة ، و هى الطبيعة الالهية ، و هذا ضد عقيدة الكنيسة البيزنطية اللى تؤمن بان للمسيح طبيعتان ، واحدة بشرية و الأخرى الهية. هذا هو أصل الخلاف بين الكنيسة المصرية و الكنيسة البيزنطية . كان المصريون المسيحيون ضد الحكم البيزنطي الذي أحتل مصر و كانوا يتميزون باعتزازهم بأنفسهم و بشخصيتهم و شخصية كرازتهم المرقسية ، و لم يريدوا أن تتراجع مكانة كنيسة الاسكندرية مقابل الكنيسة البيزنطية اللى تعتبر أحدث من الكنيسة المصرية.

فى سنة 325 شارك اثناسيوس اللى كان وقتها شماس و سكرتير البابا الكسندروس الاول فى مجمع نيقيا الاول لمناقشة المذهب الذي روج له آريوس بخصوص طبيعة المسيح ، و قدر ببلاغته و بتأييد الرهبان و الصبوات أن يقنع المجتمعين بوجهة نظر الكنيسة القبطية و رجع لمصر منتصراً ، لكن ذلك لم يمنع من الاستمرار باضطهاد للأقباط ، و من الحوادث الشنيعة اللى حصلت سنة 356 فى عهد أثناسيوس الذي هو بابا الكنيسة القبطية في نفس الوقت ، كان اقتحام العسكر البيزنطي للكنيسة العذراء في الأسكندرية في المساء وقت الغروب بالسيوف و الحراب و اثناسيوس يصلي بالناس صلاة الغروب و ارتكبوا مذبحة شنيعة في المصلين وقد قتل منهم أعداداً كبيرة داخل الكنيسة و خارجها وكذلك تعقب العسكر البيزنطي اللى استطاعوا الفرار . اثناسيوس الذي دافع بكل قوة وشجاعة عن الكنيسة القبطية والقومية المصرية نفاه البيزنطيون خمسة مرات.

و فى 431 انتصرت الكنيسة المصرية انتصاراً آخر في افسوس عندما استطاعت أن تجعل المجمع يصدر قرار ضد نسطوريوس Nestorius بطريرك القسطنطينية اللى أضاف للمسيح عنصر بشري و رفض فكرة كون العذراء مريم " أم الرب ". وفي مجمع آخر فى افسوس سنة 449 الكنيسة المصرية راحت أبعد من ذلك عندما تمسكت و ضغطت لاقرار مذهبها المونوفيزيتي الذي يرى أن المسيح له طبيعة واحدة و هى طبيعة الهية فقط .[8]

فى الغضون ذلك كان البطريرك اللاتيني -الجالس على كرسي الأسقفية كخليفة لبطرس الرسول في روما- يتطلع كذلك لزعامة المسيحية و كانت كنيسته ترى ان الكنيسة البيزنطية أخطر عليها من كنيسة الاسكندرية . الكنيسة المصرية كانت مستفيدة من تنافس الكنيسة البيزنطية و الكاثوليكة لانه كان عامل توازن محافظ على وضعها. لكن هذا الوضع لم يدم كثيراً بعدما أحس ديوسقوروس الأول بابا كنيسة الاسكندرية بأن علاقة الامبراطور البيزنطي ببابا الكنسية الكاثوليكية أصبح وثيقاً و أنهما أصبحا حليفان.

فى هذه الظروف انعقد مجمع خلقدونيا سنة 451 بايعاز من بابا الكاتوليك ليو الاول Pope Leo I لمناقشة موضوع مونوفيزية المسيح الذي أُخذ فيه سنة 449 فى أفسوس بضغط من الكنيسة المصرية ، و راح البطريرك المصرى ديوسقوروس و معه رهبانه و " الباربولانى " [9] للمشاركة فى المجمع رغم أن أعوانه حذروه من الذهاب لخلقدونيا و طلبوا منه عصيان أمر الامبراطور . و فى خلقدونيا لقي ديوسقوروس الكنيسة الكاثوليكية بزعامة البابا ليو الاولانى والكنيسة البيزنطية بزعامة الامبراطور مركيانوس Marcianus متحدين و متحالفين ضده لسحق الكنيسة المصرية.[6]

انعقاد المجمع

فى 8 اكتوبر 451 بدأ انعقاد مجمع خلقدونيا فى كنيسة آيايوفميا St Euphemia فى مدينة خلقدونيا فى الجزء الأسيوي من الامبراطورية البيزنطية أمام مدينة القسطنطينية. كان البابا ليو يريد اقامة المجمع في ايطاليا لكن الامبراطور مركيانوس قرر اقامته في نيقيا ، وفي آخر لحظة تقرراقامته في خلقدونيا بدل نيقيا بسبب هجمات قبائل الهون. لم يحضر البابا ليو المجمع مثلما طلب منه مركيانوس لكنه أرسل وفد لكي يمثله . كان عدد المشاركين كبيراً ووصل عدد الأساقفة اللى شاركوا أكثر من 600 أسقف.

وبناء على طلب الامبراطور مركيانوس بدأ المجمع مباشرة بمناقشة موضوع مونوفيزية المسيح الذي أقره مجمع افسوس التانى سنة 449 بناء على ضغوط الكنيسة المصرية ، و هو المجمع الذي سماه بابا روما " مجمع الحرامية Latrocinium ". رفض مندوب الكنيسة الكاثوليكية باشاسينوس Paschasinus أن يفسح مكاناً لديوسقوروس بطريرك الكنيسة المصرية ولذلك اضطر ديوسقوروس أن يجلس في مكان منزوي في الكنيسة . و في اجتماع اليوم التانى قُرِأ كتاب البابا ليو ( Tomus ) و هتف المؤدون ب " بطرس هو الذي يقول عن طريق ليو. هذا ما نؤمن به كلنا. هذه عقيدة الحواريين. ليو و كيرلس يعلما نفس الشيء ". و استمرت محاكمة ديوسقوروس لكنه رفض المثول أمام هيئة المحاكمة . هناك قصة تذكر أنهم عندما حاولوا اجبار ديوسقوروس على الموافقة على مذهب الامبراطور قال لهم : ا"ن عمل الملك هو تدبير مملكته وليس هذه المواضيع الدقيقة وان الأجدر به أن يترك هذه المواضيع للكهنة" فردت عليه الامبراطورة بولكيريا : بأنه فى أيام أمها كان هناك رجل عنيد هكذا و انه انتهى بأنهم حرموه و نفوه ( وكان قصدها يوحنا فم الدهب ) فذكرها ديوسقوروس بمصير أمها فقامت بلطمه على وجهه فسقطت من أسنانه اثنتان ! ثم تجمعوا عليه ونتفوا شعر ذقنه . وفي كل الأحوال فقد تمت ادانة ديوسقوروس وسُحبت منه كل ألقابه و امتيازاته لكن لم يعاقبهم بحرمان كنسي ، و طُلب من الجميع التوقيع على كتاب تعاليم البابا ليو لكن الأساقفة المصريين رفضوا . وبعد مشاورات و تعديلات و مناقشات عنيفة و تهديدات بانسحاب المندوبين الكاثوليك وثهديدهم باقامة مجمع آخر فى الغرب بدلاً من هذا ، أُجبر الأساقفة الذي شاركوا فى مجمع افسيوس التانى على التوقيع على قرارات مجمع خلقدونيا ، ووافقت الأغلبية على التعريف الكاثوليكي لطبيعة المسيح المزدوجة مجتمعة فى جسد واحد ، و انتهى المجمع باصدار قرار بان " المسيح و الأب من طبيعة واحدة في ألوهيته، و ان المسيح و البشر من طبيعة واحدة في انسانيتة ".

المجمع أصدر 28 قانون ، و نص القانون الأخير على موضوع خطير و هو : " ان المدينة اللى تتشرف بالسيادة و بوجود مجلس الشيوخ فيها ، اللى بتملك كل الامتيازات مثل مدينة روما القديمة العظيمة لابد أن يعلى قدرها في الأمور الكنسية مثل روما بحيث يبقى ترتيبها المركز التانى فى قائمة الشرف الكهنوتي بعد كنيسة روما ". هذا القانون هو الذي جعل الكنيسة البيزنطية فى القسطنطينية في المركز التانى بعد الكنيسة الكاثوليكية فى روما وقد نسف هذا القانون السادس لمجمع نيقيا المسكوني الذي أكد على الحقوق التاريخية لبطريركية الاسكندرية و بطريركية انطاكيا. القانون الخلقدوني رفع كنيسة بيزنطة للمركز التانى على حساب كنيسة الاسكندرية اللى في الواقع أقدم وأعرق . و أكمن الكنيسةالكاثوليكية أخدت مبدأ ازدواجية طبيعة المسيح فبطبيعة الحال وقف فى صفها الأساقفة النسطوريين و أساقفة انطاكيا و عُزلت الكنيسة المصرية القبطية ، و تم اذلال بطريرك الاسكندرية بطريقة مهينة جداً.

وختم المجمع أعماله فى 1 نوفمبر 451 بهذه القرارات اللى فصلت بين كنائس أوروبا الشرقية و الغربية من ناحية و الكنيسة المصرية القبطية من ناحية أخرى . وفضلت كنيسة روما و مؤرخيها وصف الكنيسة القبطية بـ" الانفصاليين " و " المنشقين " و هذا منافي للحقيقة والواقع حيث أن كنيسة الأسكندرية لم تكن تابعة للكنيسة الكاثوليكية لكي تنشق و تنفصل عنها .[10]

وفي أثناء ذلك ، أكد الأساقفة المصريون انهم لايستطيعوا الرجوع لمصر ومعهم خبر عزل بطريرك الكنيسة القبطية . وعندما وصلت الأخبار لمصر ثار شعب الاسكندرية و هاجم الحامية البيزنطية فى المدينة و قتل عساكر كثير ، لكن المحتلين استطاعوا أن يفرضوا على المصريين بطريرك ملكاني خلقدوني هو برتارس وأجلسوه على كرسي الاسكندرية بدل ديوسقوروس الذي نُفي ألى جزيرة جنفرة في أقليم بفلاجونيا أمام ساحل أسيا الصغرى سنة 454 و يقال انه أرسل الى مصر الأسنان اللى خلعتهم بولكيريا و شعر ذقنه الذي نتف ، وقال: " هذا ثمرة تعبي على الأمانة ". و بقي برتارس الملكاني جالس على كرسي الاسكندرية لغاية وفاة الامبراطور ماركيانوس سنة 457 فهجم أهل الاسكندرايه عليه في يوم الجمعة الحزينة و قطعوا جسده في صحن كنيسته ووضعوا تيموثاوس الثاني الذي كان على مذهب الكنيسة المصرية ، لكن بعدما جلس ثلاث سنوات على كرسي الاسكندرية أرسل البيزنطيون قوات عسكرية فاعتقلته و نفته ووضعت مكانه سوريس الملكاني . ودخل الأقباط فى عصر مفزع من عصور الاضطهاد و قُتل منهم اعداد كبيرة قد تتجاوز من قتل على يد الرومان الوثنيين ، لكن المصريون قاوموا المحتلين وألتفوا حول كنيستهم وعقيدة الطبيعة الواحدة اللى بقيت مذهبهم القومي ، وقام المصريون بالتهرب من دفع الضرايب اللى فرضها البيزنطيون ، و لجؤوا للأديرة اللى ظهرت فى مصر على أيدي قديسين أقباط كوسيلة للهروب من الاضطهاد البيزنطي و الالتفاف حول عقيدة كنيستهم.

شوف كمان

فهرست

  1. روفيله 27-29
  2. منسى يوحنا، 258-259 و 263 و 274-275 و 286 و 288
  3. Iris Habib el Masri, p.4-6
  4. Aziz Surial, Coptic contribution , p.12
  5. عزيز سوريال 20 و 74-75 و 87 و 97-98
  6. أ ب حسين فوزى، 159-160 و 162
  7. Toynbee, p.338 and 345
  8. Toynbee, p.345
  9. الباربولانى parabolani وكانواكأنهم ذاهبون للشجيع ويسافروا مع البابا لأجل أن يهتفوا له و يعضدوه فى الغربة
  10. عزيز سوريال، 73-75

مصادر

  • حسين فوزى :سندباد مصرى، جولات فى رحاب التاريخ، دار المعارف، القاهرة 1990
  • عزيز سوريال عطية ، تاريخ المسيحية الشرقية، ترجمة اسحاق عبيد، المشروع القومى للترجمة، المجلس الاعلى للثقافة، القاهرة 2005
  • القلقشندى : صبح الأعشى فى صناعة الانشا ، دار الفكر، بيروت 1988.
  • منسى يوحنا : تاريخ الكنيسة القبطية، مكتبة المحبه ، القاهره 1983.
  • يعقوب نخلة روفيله : تاريخ الامة القبطية، مؤسسة مارمرقس لدراسة التاريخ القبطى، القاهرة 2000.
  • Aziz Surial Atteya, The Coptic contribution to Chriatian civilization
  • Iris Habib el Masri, The History of Christianity in Egypt, Newsberry springs, Clifornia, USA 1982
  • Tadros Y. Malaty, Introduction to the Coptic Orthodox Church, St. George Church, Alexandria 1993
  • ( ارنولد توينبي) Toynbee, Arnold J., Mankind and mother earth, Oxford university press 1976
  • Encyclopeadea Britannica, Mcropeadia, Encyclopeadea Britannica, Inc USA 1978
  • Encyclopeadea Britannica, Macropeadia, Encyclopeadea Britannica, Inc USA 1978
المجامع المسكونيه السبعه  
مجمع نيقيا الاول - مجمع القسطنطينيه الاول - مجمع افسس - مجمع خلقدونيا - مجمع القسطنطينيه الثانى - مجمع القسطنطينيه الثالث - مجمع نيقيه الثانى