صندوق الدين العام المصرى

من ويكيبيديا، الموسوعه الحره
صندوق الدين العام المصرى

انشئ صندوق الدين بمصر بعد عجز الخديوى اسماعيل عن سداد أقساط ديون بلاده المستحقة للبنوك الأوروبية.

صندوق الدين Caisse de la Dette فى مصر كان لجنة دولية اتأسست بمرسوم من الخديوي إسماعيل فى 2 مايو 1876 للاشراف على سداد الحكومة المصرية ديونها للحكومات الاوروبية، اللى تراكمت فى عصر إسماعيل. وكان الصندوق فى البداية يرأسه أمين وثلاثة مفوضون يمثلون حكومات النمسا-المجر، فرنسا وايطاليا.

ومن سنة 1877، المملكه المتحده. واتلغى الصندوق باتفاقية ثنائية بين الحكومتين البريطانية والمصرية، فى 17 يوليه 1940، بسبب اهتمام الحلفاء بتحسين علاقاتهم بالقاهرة وقت الحرب العالميه التانيه.

كان الخديوي شعر بارتباك الحالة المالية ، وخطورتها, وما يجر إليه سخط الماليين والأوروبيين من العواقب ،فأراد استرضاء الدائنين بوضع نظام يكفل لهم استيفاء ديونهم, فطلب ل وكلاء الدائنين بمصر وضع النظام اللى يرتضونه .

فقدم وكلاء الماليين الفرنسيين مشروع بإنشاء صندوق الدين وتوحيد الديون ، أما الماليون الإنجليز فإنهم لم يشتركوا فى المفاوضات ، انتظارا للخطة اللى ترسمها الحكومة.

بلغت ديون مصر عنن وفاة سعيد باشا 11 مليون و مائة و ستين ألف جنيه مصرى.

ولما تولي إسماعيل الحكم واصل سياسة الاقتراض للصرف علي مشاريعه الكبري الأمر اللى أقلق أصحاب الديون من البنوك الأوربية و المرابين علي ديونهم ، و لجأوا إلي حكوماتهم للقيام بالإجراءات اللازمة تجاه الحكومة المصرية لسداد الديون.

كانت انجلترا فى مقدمة الدول اللى استجابت لضغط الدائنين و رأت فى ذلك فرصة لتحقيق أطماعها السياسية فى الاستيلاء علي مصر و اللى كانت عندها من أيام الحمله الفرنسيه 1798 م و حملة فريزر 1807م و خاصه بعد افتتاح قناة السويس للملاحة.

و من هنا استغلت انجلترا أصحاب الديون للتدخل باسمهم فى شئون البلاد لتحقيق الغرض النهائي و هو الاحتلال. أضطر اسماعيل تحت ضغط الدول الدائنة و بالتنسيق مع حكوماتهم إلي استقدام بعثة كييف 1875 م من بريطانيا للمعاونة فى حل الأزمة المالية. فدفع ده فرنسا إلي ارسال خبير باسمها هو المسيو فييه للمعاونة كمان حتي لا تنفرد انجلترا بالأمر.

و استرضاء للدائنين طلب اسماعيل منهم وضع النظام اللى يرتضونه، فقدم الجانب الفرنساوى مشروع إنشاء صندوق الدين و توحيد الديون ، فصدر مرسوم بإنشاء الصندوق فى 2 مايو 1876 م و تحددت مهمته فى أن يكون خزانة فرعية للخزانة العامة تتولي استلام المبالغ المخصصة للديون من المصالح الحكومية مباشرة.

و تداعت مظاهر التدخل ففي 11 مايو 1876 م أصدر الخديو مرسوم بإنشاء مجلس أعلي للمالية من عشرة أعضاء نصفهم من الأجانب ، و فى 18 نوفمبر من سنة 1876 م أنشئت المراقبة الثنائية علي المالية المصرية لاثنين انجليزي و فرنساوى هم اللورد كرومر من انجلترا و ارنست دى بلينير من فرنسا.

و بالرغم من وجود الرقابة الأجنبية سارت الأمور من سيء إلي أسوأ، و اتهمت إدارة المراقبة المالية الخديو اسماعيل أنه يقيم العقبات فى سبيل انتظام الشئون المالية. و أقترح الرقيبان تأليف لجنة عليا أوروبية للتحقيق فى اسباب العجز فى أبواب الإيرادات. و تم انشاء اللجنة فى 27 يناير 1878 م ، و تلا ذلك مرسوم آخر فى 30 مارس 1878م بتعميم اختصاص اللجنة ليشمل المالية بكل عناصرها.

و فى النهاية ضغطت الحكومات الأوروبية علي السلطان العثماني لعزل الخديو اسماعيل، و بالفعل أصدر السلطان العثماني عبد الحميد فرمان العزل فى يونية 1879 م ، و كان علي اسماعيل أن يغادر مصر إلي أي جهة يريدها فأختار ايطاليا.

بلغت ديون مصر عند عزل اسماعيل 126 مليون و 354 ألف و 360 جنيهاً. و مكث اسماعيل فى ايطاليا شوية سنين قبل ما ينتقل للعيش بـ سراي أميرجان المطلة علي البوسفور فى استانبول، فأنتقل ليها هو و أبناؤه و منهم الأمير أحمد فؤاد اللى سيصبح ملك علي مصر بعدها.

خلف إسماعيل ابنه الاكبر توفيق علي مسند الخديوية، و بكده أنقضت فترة مزدهره من تاريخ مصر و ابتدت فترة تانيه كئيبة ابتدت بالديون و أعقبها الاحتلال الإنجليزي وبعدها الحرب العالميه الاولى و ما صاحبها من فرض الحماية البريطانية علي مصر تلتها الحرب العالميه التانيه و ما أعقبها من حرب فلسطين.

كانت الرغبة فى التخلص من اسماعيل كانت كبيرة عند الأوروبيين، فبعد افتتاح قناة السويس للملاحة و هيا الشريان المائي الاستراتيجي اللى يربط الدول الأوربية بمصادر المواد الخام فى دول جنوب شرق آسيا، و بعد توسعات اسماعيل فى شرق افريقيا و اصطدامه بأطماع الأوربيين هناك، وكمان مشروعات اسماعيل العملاقة فى مصر و اللى تحولها إلي دولة رائدة فى المنطقة، كل ده جعل الأوروبيين و علي رأسهم انجلترا يبحثون عن الثغرات للتدخل فى مصر ، و كانت أزمة الديون هيا الثغرة اللى نفذوا منها.